فتوي بن جبرين


حكم مجهول الأبوين
رقم الفتوى
(4058)
موضوع الفتوى
حكم مجهول الأبوين
السؤال
س: هل حكم مجهول الأبوين حكم اليتيم؟
الاجابـــة
مجهول الأبوين حُكمه حكم اللقيط، وهو طفلٌ لا يُعرف نسبه نُبذ أو ضل، وكذا أولاد الزنا، وأخذه وتربيته في صغره فرض كفاية لحرمة الإنسان، فيجب على الأمة رعايته وكفالته وحضانته والنفقة عليه حتى يبلغ، ومن فعل ذلك فله أجر كفالة اليتيم؛ لإحسانه إليه وإنفاقه وتربيته وتعليمه؛ حتى يتأدب ويُحسن التصرف لنفسه، ويقوم بحاجته وبما يلزمه، ويقدر على إعفاف نفسه بالكسب الحلال المُباح، فيجوز في هذه الحال صرف الزكاة له والصدقات والتبرعات، لما في ذلك من إحياء النفس، وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا .



عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

تربية اللقيط مستحب، لكن مع مراعاة الشروط الشرعية.
الخميس 5 صفر 1422 - 29-4-2001

رقم الفتوى: 7818
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فإن الشارع يضع مسؤولية رعاية اللقطاء وتربيتهم والعناية بهم في أعلى درجات الخطورة ‏والأهمية، فالمسلمون كلهم آثمون إن ضيع بينهم لقيط واحد، وإن التقطه أحدهم واهتم ‏بتربيته والنظر في شأنه ارتفع الإثم عن الجميع،

ثواب كافل اللقيط.. من أحكام اللقيط
الخميس 4 جمادي الآخر 1424 - 3-8-2003

رقم الفتوى: 35697
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا شك أن لكافل اللقيط الأجر العظيم عند الله إذا أحسن معاملته وتربيته؛ إذ كفالته ليست دون كفالة اليتيم في الأجر إن لم تكن أعظم، وذلك لأنه أسوأ وضعًا منه، وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء ما يلي: إن مجهولي النسب في حكم اليتيم لفقدهم لوالديهم، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب، لعدم معرفة قريب يلجأون إليه عند الضرورة، وعلى ذلك فإن من يكفل طفلاً من مجهولي النسب فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى، وفرَّج بينهما شيئًا رواه البخاري.
سؤال مهم :
هل تعدل كفالة اللقيط ومجهول النسب وتربيته نفس أجر كفالة اليتيم التي حث عليها الرسول عليه الصلاة والسلام ؟؟
الجواب :
هؤلاء المجهولون حرموا حرماناً عاماً ، وحاجتهم إلى الرعاية والعناية شديدة جداً بصفتهم أيتاما، والأجر في ذلك عظيم كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية برئاسة العلامة ابن باز رحمه الله في الفتوى رقم 20711 بتاريخ 24/12/1419هـ وجاء فيها : (إن مجهولي النسب في حكم اليتيم لفقدهم لوالديهم، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب لعدم معرفة قريب يلجأون إليه عند الضرورة. وعلى ذلك فإن من يكفل طفلا من مجهولي النسب فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:[ أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا] رواه البخاري.


لاشك أخي المسلم أن الله قد أنعم عليك بنعمة عظيمة إذا قمت بكفالة أحد الأيتام ، فقد ضمن لك الرسول صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة متى توفرت شروطها وأهمها الإخلاص لله  ـ عز وجل  ـ في كفالتك لهذا اليتيم و مراقبة الله فيه وحسن تربيته والعطف عليه .
واليك بعض النقاط الأساسية التي أرى ضرورة أخذها بعين الاعتبار والعناية ممن أكرمه الله بوجود يتيم في بيته وبعض هذه التوجيهات وردت في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم 21145 والمؤرخة في 22 / 10 / 1420هـ  ومن ذلك :

(1) محاولة إرضاع الطفل رضاعة شرعية تتحقق بها المحرمية فور أخذه وقبل تجاوزه سن الرضاعة وهي السنتين من عمره ، ويكون الإرضاع أكثر من خمس مرات من أخت الزوجة أو الزوجة أو قريبة يأخذ بالرضاع منها المحرمية .
(2) لا تجوز نسبة اللقيط إلى حاضنه من ذكر أو أنثى ونسبته إلى الحاضن تعد من المحرمات وكبائر الذنوب عند الله لقوله تعالى : (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ) . وما يحصل من تسجيل بعض حاضني مجهول النسب لهم في حفائظ نفوسهم وبطاقات عوائلهم خطأ محض وتزوير صرف وتجاوز لحدود الله وكذب على المسئولين في الدولة بما هو خلاف الواقع ، ولا يثبت بهذا التسجيل والإلحاق نسب ولا ارث ممن نسبه إليه ، ومن فعله فعليه التوبة إلى الله تعالى وتصحيح ذلك التسجيل بالإلغاء .
(3)  من قام بحضانة أكثر من طفل مجهول النسب فلا يجوز توحيد الاسم التالي لاسم كل منهما ، لإيهام الأخّوة بينهما في النسب وفي ذلك من المحاذير الشرعية من التلبيس على الناس ، والآثار في النسب والمواريث ما يعظم ضرره ويكثر خطره .- فتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في كتاب فتاوى إسلامية ،جمعها محمّد المسند ، دار الوطن ، الجزء 4 ، ص 352.-
(4) لا تجوز نسبة مجهول النسب إلى قوم من قبيلة أو أسرة ، لما في ذلك من الكذب والإيهام والتلبيس على الناس ، وما ينتج عنه من اختلاط الأنساب .
(5) يجب أن يعرف حاضن مجهول النسب أنه بعد بلوغ الطفل سن الرشد فإن المحضون أجنبي عنه كبقية الناس من حيث النظر والخلوة والحجاب بين الرجال والنساء وغير ذلك من الأحكام . و إذا وُجد رضاع محرما شرعا للمحضون فانه يكون محرما لمن أرضعته ولبناتها وأخواتها ونحو ذلك مما يحرم به النسب .
(6) لا يجوز للحاضن أن يخفي على من حضنه من مجهولي النسب حاله ، بل الواجب هو إخباره بذلك، وتخفيف مصيبته و أنه ليس أولاً و لا أخراً، وأن ذلك لا يضره شرعاً إذا استقام على دين الله.
(7) يجب أن يكون أخبار الطفل مجهول النسب عن واقعه الحقيقي متدرجا وفي مرحلة مبكرة من عمره واختيار الوقت والظرف المناسبين حتى لا يصدم المحضون أو تنتكس حالته إذا علمه بشكل مفاجئ أو من الآخرين . وعلى سبيل المثال يمكن أن يخبره أن والداه فُقدا في حادث مروري أو حريق أو غرق كارثة من الكوارث ، أو غيرها من الحوادث.
(8) يجوز لمن قام بكفالة أحد الأيتام أو مجهول النسب  أن يتصرف في أمواله بما ينفع اليتيم ويحقق الغبطة له قال تعالى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ) فولي اليتيم يتصرف في مال اليتيم بما ينميه وما هو من مصلحته ، أما أن يتصرف فيه بما ينقصه أو يضره فهذا لا يجوز ([1]).وقد كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ تعطي أموال من تكفلهم من اليتامى إلى من يتجر فيها . ومن صور الإضرار بأموال اليتيم  ما يفعله بعض الناس من وضع أموال اليتيم في البنوك الربوية واستثمارها واخذ الفوائد الربوية المحرمة شرعا بحجة حفظ حق اليتيم وتنمية أمواله .
(9) لابد من مراعاة إخراج الزكاة عن أموال من تحت ولايتك من الأيتام ومن في حكمهم ففي الموطأ أن القاسم بن محمّد قال : ( كانت عائشة تليني أنا وأخا لي ويتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة.
فتوى لسماحة الشيخ محمّد بن إبراهيم  ـ رحمه الله ـ في فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمّد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ، جمعها محمّد بن قاسم ، الجزء 8 ، ص 29.
(10)           اعلم أخي الموفق أن الطفل الذي قمت بكفالته من الأيتام أو مجهولي النسب لا يستحق شيئا من الميراث بعد وفاتك ، ومتى رغبت أن تهب له شيئا من مالك في حياتك فلا مانع . ومن أراد أن يجعل له شيئا من تركته بعد وفاته فالطريقة الشرعية أن يوصي له بما يريد بشرط أن يكون من الثلث فاقل ، ولا يتجاوز ثلث التركة مع بقية وصاياه إن كان له وصايا أخرى . - فتوى لسماحة الشيخ محمّد بن إبراهيم  ـ رحمه الله ـ ، المرجع السابق، الجزء 9 ، ص 20-

فوائد كفالة الأيتام

اعلم أخي المسلم أن من نعمة الله عليك أن يوفقك إلى كفالة يتيم أو من كان في حكمه ، وقد رتب الشرع جملة من الفوائد التي تتحقق  لك وللمجتمع عند قيامك أو أحد أفراد المسلمين بكفالتهم ورعايتهم ومن هذه الفوائد :
(1)  كفالة اليتيم من قبل المسلم تؤدي إلى مصاحبة الرسول صلي الله علية وسلم  في الجنة وكفى بذلك شرفاً وفخراً .
(2)  كفالة اليتيم والإنفاق عليه وتربيته والعناية به تدل على طبع سليم وفطرة نقية وقلب رحوم .
(3)  كفالة اليتيم والمسح على رأسه وتطييب خاطره تؤدي إلى ترقيق القلب وتزيل القسوة عنه .
(4) كفالة اليتيم تعود على صاحبها بالخير الجزيل والفضل العظيم في الحياة الدنيا فضلاً عن الآخرة قال تعالى : ( هَل جَزَاءُ الإِحسَانِ إِلاَّ الإِحسَانَ ) [الرحمن : 60 ] ، أي هل جزاء من أحسن في عبادة الخالق ، ونفع عبيده ، إلا أن يحسن خالقه إليه بالثواب الجزيل ، والفوز الكبير والعيش السليم في الدنيا والآخرة .
(5)  كفالة اليتيم تساهم في بناء مجتمع سليمٍ خالٍ من الحقد والكراهية وتسود فيه روح المحبة والمودة قال  صلي الله علية وسلم  : ( ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى ) (رواه البخاري).
(6) في إكرام اليتيم والقيام بأمره ورعايته والعناية به وكفالته إكرام لمن شارك الرسول صلي الله علية وسلم  في صفة اليتم، وفي هذا دليل على محبته صلي الله علية وسلم  .
(7)  كفالة اليتيم تزكي مال المسلم وتطهره وتجعل هذا المال نعم الصاحب للمسلم .
(8)  كفالة اليتيم من الأخلاق الحميدة التي أقرها الإسلام وأمتدح أهلها .
(9)  في كفالة اليتيم بركة عظيمة تحل على الكافل ، وتزيد في رزقه.
(10)    كفالة اليتيم تجعل البيت الذي فيه اليتيم من خير البيوت كما قال صلي الله علية وسلم  : ( خير بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُحسَن إليه ... ) .
(11)    في كفالة اليتيم حفظ لذريتك من بعدك وقيام الآخرين بالإحسان إلى أيتامك قال تعالى : (وليَخشَ الّذيِنَ لَو تَركُوا مِن خَلفِهِم ذُرّيّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيهِم فَليَتّقُوا اللَّه وليَقُولُوا قَولاً سَدِيداً ) [ النساء:آية:9]، فكافل اليتيم اليوم إنما يعمل لنفسه لو ترك ذرية ضعافاً ، فكما تُحسن إلى اليتيم اليوم يُحسن إلى أيتامك في الغد ، وكما تدين تدان .
وبكل حال أخي الحبيب لا يمكن أن تستشعر هذه الفوائد الدنيوية المترتبة على كفالة اليتيم ، وجعله يعيش في كنف أسرتك إلا بعد التطبيق العملي لهذا المشروع الخيّر وقيامك بكفالة أحد الأيتام ، وستجد الخير كل الخير في الدنيا وفي الآخرة بإذن الله .